السبت، 1 ديسمبر 2012

نادي الكتاب يناقش رواية القوقعة لمصطفى خليفة

أعدت التقرير: حنين يعقوب-كفر قرع

التقى يوم الجمعة الموافق لـ28.9.2012 أعضاء نادي الكتاب في كفر قرع لمناقشة كتابهم الرابع على التوالي بعنوان "القوقعة" لمؤلفه السوري مصطفى خليفة. وقد تخلل النقاش عرض لأحداث الرواية ومناقشة أبعادها الاجتماعية والسياسية المختلفة
.

تدور أحداث الرواية في معتقلات النظام السوري خلال أيام حافظ الأسد، بحيث يسرد سجين سوري يومياته في السجن، وهو مسيحي شيوعي، تقوم السلطان السورية باعتقاله، عند عودته إلى الوطن بعد الدراسة في فرنسا، وذلك بشبهة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، ويستمر اعتقاله لما يزيد على عشر سنوات دون أي تحقيق يُجرى معه، يرصد ويعيش خلالها صنوفا من التعذيب والقتل شديدة الوحشية.

وقد استهل حلقة النقاش محمود زيد قائلاً:" "إن قوة الكلمات وأثرها لشيئ عجاب، فمن كان يتصوّر أنه سيرى فيلمًا من خلال كلمات سوداء على ورق أبيض؟! وما أفظعه من فيلم! والأفظع من ذلك أنه ليس من نسج الخيال، بل هو من وحي الواقع! إنها الرواية التي تصدمك في كل صفحة أكثر وأكثر، فما أشدّ تشويقها رغم فظاعة المشاهد! إنها الرواية التي تضعك مقابل الحقيقة وجهًا لوجه، وتترك لك مسؤولية مواجهتها والتعايش معها! فكلنا سمع بالسجن وأساليب التعذيب المختلفة، لكن أن يصف لك أحدهم أدقّ التفاصيل في رحلة العذاب فهو الجديد هنا. والسؤال الذي يسطع فورًا: كيف لإنسان أن يقترف هذا الإجرام بحقّ أخيه الإنسان؟ كيف له أن ينهال عليه ضربًا بخمس مائة سوط؟ كيف له أن يشنق ثلاثة أبناء مقابل أبيهم المسكين؟ كيف له أن يجبرهم على التعرّي في أشدّ الليالي بردًا ومن ثم يرشّهم بالماء البارد؟ كيف له أن يقذفهم بأبشع الكلمات وينتهك أعراضهم؟ كيف لإنسان أن يسرق إنسانية أخيه الإنسان؟ بل كيف له أن يسرق حياته؟"

أما أمنة عثامنة أضافت قائلة: "البطل الذي ذوّت الجهاز كله بداخله وأصبح أحد أدواته بالنهايه، يريد ثقبًا ليتلصلص، وعلى من، على نفسه. والنقطة الثانية، هي الحرية ام القيم؟ هل هي حرية داخلية أم خارجية؟ وماذا مع الأسوار التي نبنيها حولنا كأفراد باختيارنا أحيانا وبحريتنا."

فيما عقب فضل مرة على مداخلة آمنة قائلا:" السؤال هو لماذا السؤال "الحرية أم القيم"؟ البعض يطرحه من زاويته "الحرية أم تطبيق الشريعة"؟ وهما سؤالان في نظري يحملان تناقض في منطقهما الداخلي؟ وكأن الحرية ليست قيمة، لا بد من النظر إلى الحرية على أنها المدخل لكل القيم، وأنه لا قيم بلا حرية، فهي أم القيم والباب إليها جميعا. ليست المشكلة مع الأسوار التي نبنيها بإرادتنا الحرة، لكن المشكلة مع الأسوار التي نبنيها بفعل ضغط ما ونسعى من ثم لتبرير الأمر على أنه من اختيارنا، والأدهى من هذا هي الأسوار التي نبنيها ظانين أننا نقوم بذلك بملئ حريتنا في حين نكون محاطين بالأغلال دون وعي ونظن أننا أحرار، والله اعلم". وأضاف قائلا: "لا يسعك إلا أن تتنهد تنهيدة طويلة حال إنهائك لرواية القوقعة التي تروي يوميات سجين في معتقلات النظام السوري، وتستغرب درجة الوحشية التي من الممكن أن يصل إليها البشر، ولتدرك أن الإنسان ليس مجرد سارق لاسمه (كما يقول د. عدنان) إنما هو مغتصب لهذا الإسم اغتصابا. الرواية تجعلك تفهم هذه الإرادة الجبارة للثوار السوريين رغم كل القتل والوحشية التي يواجهونها، فالسلطة هناك قتلت الإنسان وحلمه بحياة كريمة منذ أكثر من أربعين عاما ولم يعد هناك ما يخسره منذ زمن بعيد، ولكنك في الوقت ذاته قد لا تستغرب لماذا تأخرت الثورة كل هذا الوقت رغم كل هذه الوحشية للنظام، فالمظلوم رغم ذلك لم يكن يجد حرجا في ظلم المختلف الأضعف منه!"

فيما أضافت نداء خالد: "الكتاب أكثر من رائع، يجسد الواقع بأبعاده الحادة.. استمتعت كثيرا في قراءته بالرغم مما عانيته خلال التنقل بين الأحداث والمعاناة التي لم تنتهِ حتى مع انتهاء الرواية. أظن بأن هذا ما كنت أحتاجه، فضلت هذه الرواية عن الرواية التي سبقتها "رأيت رام الله".

أما فاطمة مرة فقالت معبرة عن تجربتها مع الرواية: "عجبا! أيوجد من تجرد من إنسانيته بهذه الصورة؟! ولكن لماذا؟ ما الداعي أصلا لمثل هذه القسوة والإهانات والأشكال الشتى من التعذيب. في الحقيقة عرفت معنى الحزن والتعذيب بحرقه حين أبحرت في زوايا الرواية المؤثرة... إن واقعنا، رغم قسوته، نسبة لما ذكر في الرواية خالي تماما من العذاب أو كما نقول بالعامية "الي بشوف مصيبة غيرو بتهون علي مصيبته".. يجب أن لا ننسى بأن سيناريو هذه الاحداث يعيد نفسه وبشدة في سوريا."

محمد ضعيف علق قائلا: "بشكل شخصي لم أقرأ الرواية لوحدي بل أشركت بقرائتها زملائي بالعمل ومما استوقفني خلال القراءة لبضع لحظات قول الكاتب:" قلت الحالات التي يكون فيها الضرب للضرب والقتل للقتل، أصبح للقتل أو الضرب سبب على الغالب كالصلاة مثالا، أو أن يرى السجين فاتحا عينيه اثناء التنفس."

أما آلاء مرة فعقبت بالقول: "القوة والخوف والرشوة وغيرها كلها أمور من الممكن أن تفسد حياة البشر، وتجعلهم بشكل لا بخطر على بال أشبه بحيوانات ينهش صاحب السلطة فيها لحم الضعيف، والضعيف يمارس الاستبداد على الأضعف منه، في ظل انعدام روح تقبل الاختلاف والتعامل معه على أنه أمر طبيعي."

وفيما يلي بعض الاقتباسات من الكتاب:

"في بلدي أنا صاحب حق وليس لاحد ميزة التفضل علي"

"للبوح شروط، الظرف الموضوعي والطرف الاخر"

"لا يهم أن أجوع بضعة أيام كل شهر، لكن الشعور بأنني إنسان يكفيني لمدة شهر"

"أول درس في المخابرات هو أن لا تثق برجل المخابرات"

"مؤخرًا انتبهت إلى أمر آخر، بدلاً من أن تساهم علاقتي مع نسيم في إخراجي من قوقعتي قمت أنا بادخاله إلى القوقعة"

"إن الإنسان مستعد أن يضحي حياته في سبيل المعرفة"

"أحمل مقبرة كبيرة داخلي، تفتح هذه القبور أبوابها ليلاً..ينظر إلي نزلاؤها.. يحادثوني ويعاتبوني"